مظاهر اللاعنف في حوران
مظاهر اللاعنف في حوران
أبو وليد العمر- نصيب
يتسبب العنف في قتل العواطف الإنسانية وهدم الكرامة والحرية، ولذلك كانت ثقافة اللاعنف شكلاً من أشكال استرداد الحقوق والدفاع عن النفس، فاللاعنف أهم وسيلة لاستعادة الحقوق فهو يفوق أعتى أنواع الأسلحة بفاعليته وقوته، فاحترام الآخر من أهم سماته والحفاظ على الكرامة وتحقيق العدالة.
وفي الثقافة الإسلامية نصوص كثيرة حول ثقافة السلم واللاعنف وقبول الآخر، يقول الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ليس الشديد بالصرعة إنمّا الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، ويقول الإمام علي رضي الله عنه: (أعقل الناس أعذرهم للناس).
الزعيم الهندي المهاتما غاندي الذي عرف بنشر ثقافة اللاعنف بين الناس يقول: (النصر الذي تحصل عليه بالعنف يساوى الخسارة)، سواء كان النصر عسكريًّا أو سياسيًّا أو اقتصاديًّا وواقعنا أثبت ذلك بالكثير من الخسارات التي لحقت بنا، ومن أجل ذلك حددت الأمم المتحدة عام 2007 (اليوم العالمي لللاعنف) وهو الثاني من تشرين الأول وهو اليوم الذي ولد فيه المهاتما غاندي.
الأثار السلبية التي يتركها العنف جسيمة، فالقتلٍ والتدميرٍ والجهلٍ والتهجير والتشردٍ قد يطال جميع أفراد المجتمع، كما حدث في الشعب السوري جرّاء الحرب الذي دارت رحاها لأكثر من عقد كان العنف فيها عنواناً عريضاً في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والأخلاقية والجسدية، من هذا المنطلق كان لابد من نشر ثقافة اللاعنف بين جميع أطياف المجتمع وفئاته وفي جميع المناطق وتقع هذه المسؤولية الكبيرة على عاتق الجميع دون استثناء كلٌّ في مجاله.
ففي حوران كانت هناك أمثلة كثيرة على نشر تلك الثقافة متمثلةً بمنظمات محلية ودولية ومؤسسات تربوية تعليمية وشخصيات علمية ودينية وعشائرية إضافة إلى الجمعيات الخيرية، قام هؤلاء بتجارب رائدة من أجل دعم ثقافة اللاعنف ونشرها على أوسع نطاق داخل مناطق حوران وخارجها.
أمثلة حول تجارب في حوران
التعاون بين المنظمات الدولية مثل منظمة حقوق الإنسان ومنظمة اليونيسيف من أجل تنفيذ دورات تدريبية مركزية من شأنها تخريج مدربين في موضوعات اللاعنف المختلفة، ويعتبر تدريب الشباب فعالاً في هذا المجال فهو المتضرر الأكبر من سياسة العنف التي تنتشر في المجتمع، هذه الدورات تم عقدها في أغلب المؤسسات التعليمية التابعة لمناطق حوران، إذ يتم فيها الحديث عن ثقافة اللاعنف المدرسي الجسدي والأخلاقي والفكري، ويتطلب ذلك يتطلب أسلوباً رصيناً متقناً ومنسقاً من أجل الاستعداد والتخطيط له بشكل منظم.
ومن أهم التجارب أيضاً حل كثير من النزاعات الكبيرة والصراعات الدامية بين أشخاص أو عشائر عن طريق شخصيات مهمّة ذات قيمة اجتماعية وهذا يتطلب لغة حوار عقلانيّة مؤثرة.
كما يتم الإنفاق المادي الكبير على المشاريع الخيرية التنموية الهادفة بالتعاون بين منظمات محلية وعالمية الهدف منها تأمين فرص عمل لكثير من أبناء المنطقة وتقديم المساعدات المادية والمعنوية من اجل القضاء على البطالة التي تعد أحد أهم دعامات العنف، كما تسعى تلك المنظمات بشكل حثيث من أجل القضاء على ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها التي من شأنها تدمير الفرد والمجتمع التي تعتبر من أهم دعامات العنف أيضاً.
يعتبر اللاعنف مصدر انبثاق الإرادة في التغيير، لأنه يساعد الفرد على تغيير وضعه واتخاذ قراراته الخاصة، فهو حين يختار هذه الطريقة فإنه يناضل بشجاعة لقتل نوازعه العدوانية ليكشف عن الظالم ويدافع عن العدالة.