كنت طفلة؛ واليوم أساند طفلتي

كنت طفلة؛ واليوم أساند طفلتي

حنين مقداد- بصرى الشام

كنت في الخامسة عشر من عمري عندما أصبحت زوجة لشاب يكبرني بخمسِ أعوام، ظننتُ بأنني سأبني أسرةً ناجحة وسأكون زوجةً ثم أماً سعيدة، لكنها لم تكن إلا غايات ورغبات، مرّت الأيام مليئة بالمشكلات فلم يستمر الزواج وحصل الطلاق، كنت طفلة لا أستطيع إدارة منزل وتحمل مسؤوليته، لم أجد الخبرة الكافية لحل المشكلات والأزمات الزوجية، ربما لو كنت في سن أكبر كان يمكنني تجاوزها دون طلاق، فالزواج لم يكن سهلاً كما كنت أعتقد.

كان الزواج أشبه بالموت لطفلة في مقتبل عمرها، قيدتني مهام مفروضة عليَّ في عمرٍ تهتمّ فيه الفتيات بدراستهنّ ولعبهنّ لا أكثر، كنت أفكّر في عمر أكبر من عمري وحياة أكبر من قدرتي، اعتقدت أنني كبرت بسرعة لكنني كنت أخدع نفسي بأكاذيب من أجل تسهيل الحياة.

يومٌ تلو الآخر مشكلة بعد مشكلة جاءت أعظم انجازاتي في هذه الحياة؛ إنها طفلتي مدللتي صغيرتي، مازلت حتى اليوم آمل أن أحقق بها ما عجزت عن تحقيقه، كان مجيئها منبع السرور في قلبي، كان فيها زوال حزني وامتلاء قلبي بالفرح، كانت لي عيداً، لكن لم تعش في كنف أمٍّ وأبٍ معاً.

وُلِدتها في بيت جدها بيت أمي وأبي الذي لجأتُ إليه بعد مشاكل استعصيتُ عن حلها، تربت بعيدةً عن أبيها تزوره في نهاية الأسبوع ليومٍ واحد وتعود إليّ، أراقبها اليوم مشتتة ما بين أمها وأبيها لا تستطيع التخلي عن أي منهما ولا تستطيع العيش معهما معاً، يوماً هنا ويوماً هناك لا تعرف للاستقرار معنىً، لا تعرف العائلة المشتركة فقد حُرِمت من دفئها وأمنها، كنت أراها ضحية تجربة فاشلة.

أسعى اليوم ما بوسعي كي تكون الفتاة التي رجوتها لنفسي ناجحة ناضجة، قوية قادرة على تحمل المسؤولية، والأهم أن تكمل تعليمها من أجل أن تكون كذلك.

أؤمن اليوم أن حياتنا تصنعُها الأقدارٌ وتبنيها التجارب نخوض ونتعلم ونحارب، نتعايش ونتجاوب، ورغم ما عصف بي من نوائب ما زلت أؤمن أن القادم أجمل.