عمالة الأطفال ظاهرة تحتاج إلى التدخل
عمالة الأطفال ظاهرة تحتاج إلى التدخل
أبو أنس السوري
تنتشر ظاهرة عمالة الأطفال وتزداد في المجتمعات النامية نتيجة لعوامل وأسباب اقتصادية واجتماعية وتعليمية. وقد يعرض ذلك الأطفال يوميًا للعديد من المخاطر التي تعوق نموهم الجسدي والعقلي، وتحول دون تطوير قدراتهم ومهاراتهم.
تعرف عمالة الأطفال عالمياً بأنها أي عمل يضر بصحة الطفل أو نموه أو رفاهيته. فالعمل في بعض الأحيان لا يتناسب مع عمر الطفل ولا يساعده على التطور الجسدي والعقلي، ويؤثر على دراسته وراحته ومتعته.
وفي ظل الأزمة التي مرت بها سوريا على مدار اثنتا عشرة سنة، لوحظ تضرر الأطفال بشكل كبير نتيجة للظروف المعيشية الصعبة. وكثيراً ما يجد الأطفال أنفسهم يعملون في أعمال شاقة لا يحتملها البالغون. يمكن رؤية الأطفال في أعمال البناء وحتى في المراكز التجارية التي تبيع الخضروات وفي المنشآت الصناعية.
أذكر حادثة شهدتها أمام عيني، حيث شاهدت طفلاً يعمل في مركز بيع مواد البناء كالإسمنت والحديد، كانت هذه الأعمال قاسية في ظروف الطقس الباردة، لاحظت آثار كدمات على يدي الطفل ولباسه كان رثًا وقديمًا لا يحمي من البرد.
أوقفت الطفل، وبينما أمازحه قلت له: “أين الأطفال في عمرك هذا الوقت؟ لماذا أنت هنا؟”. كان رده قاسيًا وأحزنني “يا عمي، توفي أبي منذ سنوات، وأنا الكبير في عائلتي سنًا. ومن واجبي أن أتحمل نفقات عائلتي وحدي”.
من المؤكد أن عمالة الأطفال ظاهرة غير مرغوب فيها في يومنا هذا، ويجب العمل على القضاء عليها والحد منها لما لها من أثار سلبية على حاضر الطفل ومستقبله، قد يلحق بهم الضرر بسبب صعوبة العمل والأمراض المهنية واستغلالهم ويصل حد الضرب والسب، مما يؤثر على شخصية الطفل ويجعله عدوانيًا وميالاً للعنف ضد المجتمع، نتيجة الشعور بالقهر الاجتماعي والظلم. وهذا يشكل خطرًا حقيقيًا في المستقبل على التوازن الاجتماعي والعلاقات الإنسانية.
من أجل ذلك، هناك حاجة ماسة للتدخل ووضع خطط لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها، يمكن أن يتم ذلك عن طريق حملات توعية حول هذه الظاهرة والأثر الذي يترتب على الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وتفعيل دور المنظمات الإنسانية في رصد انتهاكات قانون العمل والمعايير الدولية في تشغيل الأطفال، كما يمكن تبني وسائل لفرض عقوبات على كل من ينتهك القانون، وعمل حملات ضغط ومناصرة لتطوير التشريعات المتعلقة بحماية الأطفال واحترام حقوقهم ومراعاة شؤونهم وخصوصيتهم.
يمكن أيضًا التركيز على هذه الظاهرة من خلال وسائل الإعلام لزيادة الوعي وتشكيل رأي عام يسهم في إيجاد حل لهذه المشكلة، يتعين على المجتمع أن يلعب دورًا مؤثرًا في إيجاد الحلول وتطوير ثقافته بشأن الطفل وحقوقه، وينبغي إيجاد قوانين لتحديد سن العمل المناسب للأطفال بشروط لضمان سلامتهم.