شهيد من بلدي، نضالٌ سلميّ أوقفه الموت
شهيد من بلدي، نضالٌ سلميّ أوقفه الموت
مجد الحسين- درعا البلد
نادى بسلميّة الثورة، حاول رسم المواجهة بعدم الانجرار إلى الأخلاق الاجرامية وحمل السلاح، حاول إيصال الرسالة بتكريس مبدأ اللاعنف في الثورة ضد المستبدين.
الشهيد المهندس “معن العودات” أحد الشخصيات المهمة التي عرفتها حوران وأحد الشخصيات المحلية البارزة في الحراك الشعبي السلمي، وهو أول من أطلق شعار (سلميّة سلميّة) في المظاهرات وهو أحد أهم الشعارات التي أطلقت في الثورة وانتشرت في أنحاء سورية.
كان يتوسّط المتظاهرين ويهتف معهم، وكان يؤكد على الجميع بضرورة التمسّك بسلميّة الثورة وعدم الانجرار إلى محاولات الميليشيات بدعوات حمل السلاح رغم سقوط الشهيد تلو الشهيد.
كان ينادي بسوريةٍ موحدة دولةٌ مدنية متعددة الطوائف تبنى على الديمقراطية ورفض الدكتاتورية، وكان يقول إن الإنسان ينقص بعقلهِ قدرَ إيمانهِ بالعنف، وكان يؤكد أن نبذ العنف هو أسلوب المواجهة الحقيقي وليس الهروب، كما كان يؤمن أن الإنسان يتميز عن الحيوان بوجود العقل ونبذ العنف بكلّ أشكاله.
أعتقل معن أكثر من مرة، تم تعذيبه داخل الأقبية المظلمة لكنّه رغم ذلك بقي محافظاً على مبادئه التي يؤمن بها، وكان يقول “عندما أخرج من سجونهم سوف أعود إلى ساحات المظاهرات”.
في أحد الاعتصامات أمام مبنى السرايا في درعا المحطة، قام عناصر الأمن باعتقاله لأكثر من شهر وعندما تم الأفراج عنه ذهب إلى ساحة الحريّة بجانب الجامع العمري بدرعا البلد بشكل مباشر قبل أن يذهب إلى بيته وأولاده.
وعند سماع زوجتهِ وأولاده بنبأ خروجهِ ذهبوا لرؤيتهِ فكان بين الجموع وهو يحمل على الأكتاف ويهتف بشعارهِ المعتاد (سلمية سلمية).
أيقنت الأجهزة الأمنية خطورة الفكر الذي يمثلهُ “معن العودات” وقوّة تأثيره، فأتى قرار تصفيته من أعلى سلطةٍ سياسية، وفي 8 آب عام 2011 خلال تشييع أحد الشهداء الثورة تمت محاصرة مقبرة الشهداء في درعا البلد من قبل أجهزة الأمن فتحول التشييع إلى مظاهرة وكان في مقدمتها معن العودات، تم استهدافه خلالها برصاصةٍ في خاصرتهِ ليسقط جريحاً ويتم أطلاق النار على كل من يقترب منهُ لإسعافهِ، فتقدم رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا العميد لؤي العلي وأشهر مسدسهُ الحربي وأعدم معن العودات من مسافة الصفر وأرداه قتيلاً.
انضم معن العودات إلى قافلة الشهداء الذين رسموا بدمائهم طريق الحرية بنشاطهم السلميّ، لكنّ الهتافات التي كان يرددها بقيت من بعده وأصبحت هتافات لجميع أبناء الثورة السورية.
رحل معن وبقيت مبادئهُ وهتافاته بالحرية والسلميّة ورسالته التي حملها للعالم أن اللاعنف هو الأقوى وهو الدستور الكوني الشامل لنجاح الثورات، وهو السيف القاطع الذي لا يجرح.