شبابُ اليوم بين العنف والسلام
شبابُ اليوم بين العنف والسلام
حسن السمير– بصرى الشام
الجميع يراهن على شبابٍ تملؤه الحيوية والنشاط، يملؤه العنفوان والشغف شباب قادر على التغيير نحو غدٍ أفضل بعيداً عن كل هذا العنف بعد حرب دامت لأكثر من أحد عشر عاماً خلفت وراءها الكثير من الدمار ليست في البنى التحتية فحسب بل كان للشباب نصيب منها أيضا فشباب اليوم هم الأكثر تخبطاً في القرارات ومفاصل الحياة، محاطون بالمخاطر والتحديات والصعوبات من كل جانب.
انتشرت في درعا مظاهر هذا العنف بشكل كبير، حوادث القتل بأنواعها وزيادة حوادث الاختطاف وانتشار أعمال البلطجة وكذلك العنف الأسري بين الشباب وآبائهم وأمهاتهم وأخواهم وأخواتهم وجيرانهم والناس من حولهم والعنف في المدارس حتى أصبح الأمر ظاهرة تحتاج الى النظر في أسبابها وطرق علاجها.
من أسباب هذا العنف، العنف الأسري المتمثل بالضرب المبرح للأبناء ودوام التوبيخ، والتجريح، والافتقار إلى عبارات التشجيع، والثناء، والمديح والتكليف بما لا يطاق أحياناً، ومحاولة بعض الآباء أن يحقق أبناؤهم ما فشلوا عن تحقيقه، كالإجبار على سلوك معين، أو دراسة فرع معين بعيد عن ميوله، وقد يكون هذا العنف من أحد الأبوين، أو كليهما ناتجاً عن تربيتهم الأولى أو موروثً عنها، فيكون الوالد عنيفاً، ويتعامل مع أبناءه كما تم التعامل معه، كذلك الثقافة الخاطئة، وسوء الفهم، باعتقاد الأب أن الغلظة في التعامل هي الرجولة.
كما أثرت البطالة بشكلٍ كبير في زيادة العنف، التي أدت بدورها الى تقليل الدخل الشخصي للفرد، مما أثر على قدرته في تلبية احتياجاته والعيش بكرامة، كما أدى ارتفاع معدلات البطالة إلى تقليل النشاط الاقتصادي في المجتمع، حيث تزيد البطالة من تكلفة الدعم الحكومي وتقلل من الإيرادات الضريبية كما تؤدي البطالة إلى تقليل المساهمة الاجتماعية والاقتصادية للأفراد، وتزيد من الفقر والعوز، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى الجريمة والعنف، كما تؤثر على الصحة النفسية للأفراد، حيث يشعرون بالإحباط والعجز والضياع، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الاكتئاب والقلق.
التكنلوجية الحديثة أثرت سلباً أيضاً على المجتمع فمعظم الشباب يجلسون معظم وقتهم خلف شاشات هواتفهم، وعلى شاشات أجهزة الأنترنت، حيث يعيش الشباب في هذا العالم الافتراضي والانعزال التام عن الواقع الذي يعيش فيه الناس وذلك يحد من قدرات الأفراد ومهاراتهم في التواصل مع المجتمع.
هذه بعض الأسباب التي نجم عنها ظاهرة العنف لدى الشباب، وبلا شك أن معالجة تلك الأسباب والبحث في نشر ثقافة تربوية عند الآباء والمربين والمدرسين في كيفية التعامل مع النشء وتوجيههم بعيداً عن الشدة والعنف، كما أن نشر مفاهيم الود والتراحم والتفاهم ونبذ التشدد وتقديم أصحاب العقول ودعمهم بعيداً عن العنف.
كما يتوجب على الجهات المسؤولة توفير فرص عمل للشباب ومساعدة الشباب على عمل مشاريع خاصة بهم تساعدهم في أثبات وجودهم في جميع الميادين، كما يتوجب بناء النوادي للشباب كي يمارس هؤلاء الشباب الرياضات المفيدة ونشر العديد من المحاضرات التثقيفية التي تساعد الشباب على تحديد أهدافهم، وضرورة الاستماع للشباب في تحديد أهدافهم.
فلا يمكن لأي من المجتمعات أن يتقدم إلا على يد الشباب فهم العنصر الفاعل في بناء أي مجتمع لذا فإن العمل على اكتشاف مشاكل الشباب والتوجه نحو حلها يعتبر من أهم الخطوات التي يحتاجها أي شعب من الشعوب فهم النواة الأساسية للتطور والسلام.