حواء في ظلال الحرب
حواء في ظلال الحرب
سارة محمد- طفس
تختلف معاناة النساء في الحروب من حيث النوعية، فقد يتعرضن لأشكال عديدة من العنف المباشر كالاغتصاب والتهجير والقتل والاعتقال، إضافة إلى الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتقهنّ كزوجات وأمهات.
فنتائج هذه الحروب لم تقتصر على تدمير البنى التحتية كالمدارس التي ساهمت في تجهيل المرأة، وتدمير المشافي والمراكز الطبية فأصبحت غير قادره على تلقي العلاج، فالحرب أثرت على الاقتصاد أيضاً ما رفع معدلات العنوسة وتعرضها للعنف الأسري من قبل الزوج أو الأب، فمنهنّ من حرمت من حقوقها كالتعلم والميراث.
فكانت المعاناة تحاصر المرأة من كل الاتجاهات إلى أن دفعتها إلى القيام بأعمال جديدة امتهنتها تجاوزت الأعمال التي حددتها التقاليد المتوارثة سابقاً، لاسيما وأن الكثيرات أصبحن معيلات لأسرهن ما اضطرهنّ للعمل في أي مهنة تؤمن قوت أطفالها، فأصبحنا نراها اليوم سائقة لوسائل النقل العامة وعامله في المقاهي، وفي المشاريع الزراعية ومشاريع البناء، كما نجدها تقف على طوابير الاحتياجات اليومية من خبز ومازوت وغاز لتصبح “سيدة المهمات الصعبة “التي تلبّي أفراد عائلتها المنتظرين.
فقد قامت الحرب السورية بدور العاصفةً التي زعزعت مفاهيم كثيرة، من أهمها “الأدوار الجندرية” التقليدية المسيطرة على المجتمع، فقد فرضت تغيراً في ركائز هذا المفهوم وتطبيقه، بسبب الحاجة الملحّة إلى تغييره لأن الحاجة إلى تطبيق هذا المفهوم لم تكن قوية فحسب بل كانت عامة وتشمل جميع فئات المجتمع.
في الوقت ذاته ترافقت مع الجهود النسائية في سوريا زيادة عدد الجمعيات والمؤسسات التي تهتم بالمرأة فقد تم دعم الكثيرات تدريبات من أجل تمكينها وتأهيلها كي تستطيع التماشى مع وضعها الجديد، فمنهنّ من أطلقن مشاريعهن الخاصة من أجل تجاوز العقبات وخلق بيئة اجتماعية ووضع اقتصادي آمن، وهذا ما ساعد النساء في احتواء المشكلة وإيجاد حلول بديلة والخروج من الصراع بأقل الخسائر.
وعلى الجانب الآخر زاد جحيم الحرب من ملامح المرأة السورية في الإنسانية وفي تعلمها للمهارات الوالدية وعزز من دورها التربوي في بثّ ثقافة اللاعنف بعيداً عن الثأر والعنف المضاد.
وبذلك استطاعت الحرب جعل المرأة السورية تستكشف ذاتها وتتعرف على قدراتها المخبأة، تاركة وراءها نساء قويات قادرات على حفظ مكانتهنَّ الاجتماعية وتحقيق استقلالهنّ وداعمات لبعضهنّ البعض وفعّالات في المشهد السوري العام، بدل استسلامهنَّ لدور الضحية والبكاء على أطلال الماضي.
وبذلك تكون الحرب السورية قد صنعت من المرأة شريكةً حقيقيةً وعنصراً فعّالاً، فإن لم تشارك في إضرام الحرب فلها دورها في عملية النجاة منها واخمادها.
6 تعليقات
جميل ♥️
معاً لتكريم المرأة
معا لمناصرة الأنثى
معا لتمكين المرأة من حقوقها في المجتمع
معاً لنشر الوعي والسلام لتمكين المرأة من حقوقها
موضوع مهم ومحفز