العودة من السلمية إلى السلمية
من أحد نشاطات الحراك السلمي في بصرى الشام
نورس الوادي- بصرى
تدخل الثورة السورية عامها الثاني عشر، رُفعت خلالها شعارات كثيرة أكّدت فيها على وحدة الشعب السوري باختلاف مرجعياته الدينية والاثنية والسياسية، ووحدة الشعب والجيش الذي يعتبر جزءاً من الشعب، ثورة سلمية ضد نظام قمعي دموي.
كان يقابل الحراك السلمي بالرصاص والدبابات والاعتقالات التي تطال الجميع بمن فيهم النساء والاطفال، لكن على الرغم من العنف المفرط الذي استخدمه النظام ضد المظاهرات المعارضة، حافظت على سلميتها لأكثر من عام بحسب اعتراف رئيس النظام، الذي أكد أن الثورة بقيت سلمية حتى منتصف العام 2012.
لعل ما يفسر سلمية الحراك في وجه البندقية رغبة السوريين في الثورة البيضاء ، ثورة لا دماء فيها ولا قتل على أسس مذهبية وعرقية، لكن الأنظمة الديكتاتورية وكعادتها حاولت التفرقة وتقسيم الشعب الواحد بناء على تلك الهويات، مستثنية الهوية السورية الواحدة الجامعة لكل السوريين، حيث غذّى النظام وعبر أجهزته الأمنية النعرات العرقية والطائفية، وشجع على استخدام السلاح على اعتبار أن ما تعيشه سوريا معركة مصير بين الطوائف، فغلبة واحدة يعني إلغاء وجود البقية، وعلى الأقلية الوقف في وجه الأكثرية حفاظاً على وجودها كمكون من مكونات النسيج الإجتماعي والديني السوري.
تسبب الخطاب العدائي الممنهج في ارتكاب عشرات المجازر على امتداد الجغرافية السورية، فبدل أن يتم رأب الصدع الذي أحدثه النظام، زاد العنف وعمليات الانتقام، ودخلت الفصائل الإسلامية على خط الثورة، فبعد صدور مرسوم بالإفراج عن آلاف المعتقلين المتشددين من سجون النظام منتصف 2012،
ساهمت هذه القرارات ومثيلاتها في التصعيد واستخدام الإرهاب كشماعة لإحباط رغبة الشعب السوري في التغيير والالتفاف على مطالبه بعناوين بعيدة عن الهدف الرئيسي، فمحاربة الإرهاب باتت عنواناً رئيسياً يتصدر عناوين الأخبار بعد أقل من 3 سنوات على بداية الثورة.
لكن سرعان ما نسف الحراك الشعبي في محافظة السويداء ذو الأقلية الدرزية سردية النظام تلك، وأعاد حراك السويداء بريق الثورة وأصالة الشعب السوري الذي لا يقبل التجزئة وينبذ العنف ويسعى لتوحيد الصف في وجه نظام شمولي ألِّف التقسيم وساعد عليه مستنداً على قاعدة استعمارية تقوم على التفرقة مقابل السلطة المطلقة والسيادة.
أصوات السويداء والشعارات التي رفعتها وصل صداها إلى الساحل، حاضنة النظام، وخزانه البشري طوال السنوات الماضية، بدأت الأصوات هناك بإطلاق صرخات لوقف نزيف الدم السوري، والتغيير مقابل العيش الكريم في وطن يجمع اثنيات وطوائف تشكل نسيجاً اجتماعياً يرفض العنف ويقف في وجه من يحرض عليه.
واليوم يمكننا اعتبار حراك السويداء وحراك ناشطي الساحل السوري عبر السوشال ميديا واحداً، خير دليل على رفض السوريين للعنف، وخطوة أولى في طريق بناء مستقبل جديد لسوريا الجديدة، دولة القانون والتعددية السياسية والدينية والثقافية، حراك يؤكد على مطالب السوريين في التغيير ويرفض التطرف الديني والايديولوجي، ويسعى لبناء دولة واحدة شعباً وأرضاً، وينادي بالعيش المشترك بسلام لكل السوريين.
5 تعليقات
نتمنى من الله ان تبقى سلمية
الحراك السلمي أفضل طريقة للحل
جميل
صدقت
السليمه افضل شي