العنف العشائري، نكوص جديد في المجتمع السوري
العنف العشائري، نكوص جديد في المجتمع السوري
أسيرة حوران – بصرى الشام
لعبت الحرب في سوريا دوراً في تغييب سلطة القانون عن كثير من الارياف السورية، ما سبب في حدوث فجوة في السلم والأمن المجتمعي.
ومن أجل سدّ تلك الفجوة، حدث نكوص وعادت السلطة للعادات الاجتماعية، التي كانت أخف تأثيراً على المجتمع المدني، لقد أسهم هذا الفراغ في تفشي مظاهر العشائرية من جديد، رغم أنها كانت في تراجع مستمر في العقد الأخير الذي سبق الحرب، إلا أنّها عادت إلى الظهور بقوة.
ترافقت تلك العادات مع مختلف مظاهر العنف بشقيه البدني والنفسي، فمنذ أن سقط أول الشهداء في سوريا بتاريخ 18 آذار 2011 في مدينة درعا اعتبر ذويهم أن عليهم واجب عشائري بأخذ الثأر لهم، واعتبروا أن التهاون في هذا الأمر سيعد بصمة عار عليهم.
لكن ذوي الرأي والحكمة رفضوا ذلك وقابلوا تلك الرغبة بدعوات للخروج مظاهرات واحتجاجات سلمية، في محاولة منها للسيطرة على الأمور قبل أن تنفلت من عقالها، لكن مجريات الأحداث باتجاه مزيد من الاحتقان والغضب، وبعد تطور الأمور وجد السوري نفسه في حالة غياب تام لسلطة القانون، وأمام حاجة الانسان الفطرية للعيش.
حاجة الإنسان الفطرية يلجأ إليها عندما تواجهه صدمات في الحياة، أخذ المجتمع بالنكوص نحو العشيرة مرة أخرى، ولما كانت مناطق سكن هذه العشائر متداخلة فيما بينها أدى في النتيجة إلى الكثير من المشكلات العشائرية والتي وصلت في بعض الأحيان إلى الأخذ بالثأر والاقتتال، كما حصل في مدينة انخل في الريف الشمالي وكما في مدينة طفس في الريف الغربي من حوران.
بعض حوادق الاقتتال حصلت بين الفضائل المسلّحة فيما بينها، وهي تتكون في غالبيتها من خلفيات عشائرية أيضاً.
وبذلك عادت الثارات إلى الصدارة من جديد وتم تقديم حسابات دموية لابد من تصفيتها بين بعضهم البعض، كما حدث في بلدة الطيبة -ذات الصبغة العشائرية الزعبية- ومسلّحين من بلدة نصيب من أسرة الراضي، تولّدت بينهم في أحداث العنف وقعت بين مسلحين ما ترتب عليه عنف عشائري جديد، لكن توسيع دائرة العنف الاخيرة كان مرتبطاً بارتباط كل عشيرة بتحالفات مع عشائر أخرى.
دخول المجتمع في نفق العشائرية مع غياب الواجهات الاجتماعية على استيعاب الأمر في ضل فوضى انتشار السلاح وضبابية المشهد، كلها عوامل بالغة الخطورة وتضع المجتمع السوري في تحديات صعبة تحتاج الكثير من الجهد للمضي قدماً نحو دولة المواطنة تسودها العدالة واحترام القانون.