السلم في حوران
السلم في حوران
أثيلة بصرى – بصرى الشام
تبدأالحروب أولا في العقول والنفوس، ومع الوقت وتوفر الظروف المناسبة تتجسد على أرض الواقع فالحرب لا تبدأمع انطلاق المدافع أو زخات الرصاص حين يحدث ذلك يكون الوقت قد تأخر بالفعل، لذلك حين نريد مقاومة العنف علينا أن نبدأ بالعقول والنفوس.
لا يمكن تبرير العنف بأي شكل، إلا أن يكون الخوف أو الطمع، فالحروب وأعمال العنف تنتمي إلى المرحلة الحيوانية، فهي لا تمت إلى القوة بصلة، بينما نجد معظم القضايا والمشكلات نستطيع حلها دون اللجوء إلى العنف، ومن أجل تجاوز تلك الطريقة الغريزية يجب أن يبدأ الإنسان بنفسه، فاللاعنف يعد فرصة لبدء مرحلة جديدة من السلام والثقة والتسامح، و أي نزاع تم حلّه بالطرق اللاعنفية لايترك أي أثر من الحقد في قلوب الأعداء، بل تحولهم إلى أصدقاء.
منذ بداية الأحداث في حوران كانت الاحتجاجات تطالب بالعدالة والحرية بشكل سلمي، فاللاعنف أسلوب من أساليب العمل السياسي والأجتماعي من أجل الوصول إلى أهدافه دون تعدي على حقوق الأخرين، ويقوم على أساس الاعتراف بالأخر، فلاعنف هو ترجيح لكفة الحقيقة والعدالة وهذا لايتناسب قطعا مع الخنوع والأستسلام فهو مبدأ يقوم على أسس وقواعد.
بعد انتشار الأحداث في حوران كثرت الجرائم والمشاكل التي كان وجهاء لبلد يقومون بحلها بطرق سلمية بالاعتماد على لجنة مصالحات تضم كبار الشخصيات في المنطقة ومثقفيها، تبدأ من استقبال الشكاوى من الأهالي وتستمر إلى إيجاد الحل مرضٍ لجميع الأطراف بعيداً عن الحلول القسرية.
ومنذ أشهر قليلة تم عقد صلح عشائري في بلدة الجيزة في الريف الشرقي في محافظة درعا بين آل الحريري وآل الخطيب في سياق حادثة قتل شاب وإصابة آخر، وتم الأتفاق على نفي القاتل ودفع الدية وتم الصلح بعد عدة مساعي من قبل الوجهاء في البلدة ووجهاء من عدة مناطق حوران.
ومنذ مدة أبعد قليلاُ تم خطف شاب من مدينة بصرى الشام، لكن تم إعادة الشاب إلى أهله عن طريق لجان شعبية، كما تم إعادة الفدية إلى أهل الشاببعد أن دفعوها للخاطفين، وقد اجتمع كبار العائلة وتقدموا بالشكر لكل من ساهم في هذه القضية.
وقد ضرب غاندي مثلا في ذلك حيث قال :”إن الوسيلة الوحيدة والأنسب التي تتيح لكم عبور المحيط إنما تكمن في ركوبكم متن السفينة اما أذا عمدتم بدلا من ذلك الى ركوب سيارة فأنكم سرعان ماتغرقون”.
فالقوة مهما كانت طاغية ستتداعى أمام أخلاقية الطرف الأخ، لذلك علينا التصدي للعنف للحصول على مجتمع آمن يعيش فيه الجميع بسلام واستقرار دون فقد أي موارد، فالجميع يرغب بوطن سليم الجسد معافى من اي ندوب يصعب التخلص منها.